الخميس، 28 نوفمبر 2013

اداب الضيافه

اداب الضيافه بسم الله الرحمن الرحيم

ينبغي على المدعو آدابا جمة نشير إلى بعضها :

ألا يتأخر كثيرا عن الميعاد المحدد فيطول انتظارهم ويصيبهم القلق وكذلك لا يتعجّل الحضور فيفاجئهم قبل الاستعداد وأن ينصرف عقب الطعام لقول الله {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ** الأحزاب53
ولأن أهل الدعوة يكونوا متعبين فيحتاجون للراحة

أن لا يصحب معه أحداً إلا إذا كان مدعواً أو علم فرح صاحب الدعوة بحضوره معه

أن لا يبتدئ بالطعام ومعه من يستحق التقديم بكبر سنّ أو زيادة فضل إلا أن يكون هو المتبوع والمقتدى به فحينئذ ينبغي أن لا يطول عليهم الانتظار إذا اشرأبوا للأكل واجتمعوا له

إذا دخل فلا يتصدر المجلس بل يتواضع في المجلس إذا أشار إليه صاحب المكان بالجلوس في مكان جلس فيه ولا يفارقه قال صلى الله عليه وسلم
{إِنَّ مِنَ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ تَعَالَى الرضَا بِالدُّونِ مِنْ شَرَفِ الْمَجَالِسِ**[1]

لا ينبغي أن يجلس في مقابلة باب الحجرة الذي للنساء وسترهم ولا يكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام فإنه دليل على الشره

أن لا يحوج صاحب الطعام إلى أن يقول له كل فقد قال جعفر بن محمد رضي الله عنهما{أحب إخواني أكثرهم أكلا وأعظمهم لقمة أثقلهم علىّ من يحوجني إلى تعهده في الأكل**

أن لا يبادر إلى رفع يده من الطعام قبل أن يرفع الآخرين حتى لا يخجلهم

أن لا ينظر إلى أصحابه ولا يراقب أكلهم فيستحيون بل يغض بصره عنهم ويشتغل بنفسه

ألاّ يفعل ما يستقذره غيره كنفض يده في الإناء أو يقدّم إليه رأسه عند وضع اللقمة في فيه إذا أخرج شيئا من فيه صرف وجهه عن الطعام ولا يتكلم بما تتقزّز منه النفوس أو تستقذره

إذا دخل فرأى منكراً غيّره إن قدر وإلا أنكر بلسانه وانصرف

أن ينصرف الضيف طيّب النفس وإن جرى في حقه تقصير فذلك من حسن الخلق والتواضع قال صلى الله عليه وسلم {إنَّ المؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ**[2]

إذا نزل ضيفا على أحد فلا يزيدنّ على ثلاثة أيام إلا أن يلحّ عليه مضيفه في الإقامة أكثر لقوله صلى الله عليه وسلم {الضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا زَادَ فَصَدَقَةٌ**[3] ولا ينصرف إلا بعد استئذان صاحب المنزل

أن لا يعيب المسلم الطعام الذي قدّم إليه فإذا اشتهاه أكله وإن لم تقبله نفسه تركه لغيره وإن رأى فيه عيبا لم يتكلم به ولو بعد ذلك فقد روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة قال {مَا عَابَ رَسُولُ اللّهِ طَعَاماً قَطُّ كَانَ إِذَا اشْتَهَى شَيْئاً أَكَلَهُ وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ**[4]

ولا بأس أن يقول المسلم لأخيه هذا الطعام لا أشتهيه ولا أرغب فيه أو لا يريحني ونحو ذلك من الكلام الذي لا يحمل محمل الذّم له وذلك لما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما {عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِضَبٍّ مَشْوِىٍّ فَأَهْوَى إِلَيْهِ لِيَأْكُلَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ ضَبٌّ فَأَمْسَكَ يَدَهُ فَقَالَ خَالِدٌ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ «لاَ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَكُونُ بِأَرْضِ قومي فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ**

يستحب أن يدعو الضيف لأهل البيت بالخير والبركة فقد روى أبو داود عن جابر قال {صَنَعَ أبُو الْهَيْثَمِ بنُ التَّيِّهَانِ لِلنبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً فَدَعَا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابَهُ فَلمَّا فَرَغُوا قال: أثِيبُوا أخَاكُمُ قالُوا: يَا رَسُولَ الله وَمَا إثابَتُهُ؟ قال: إنّ الرَّجُلَ إذَا دُخِلَ بَيْتُهُ فأَكِلَ طَعَامُهُ وَشُرِبَ شَرَابُهُ فَدَعَوْا لَهُ فَذَلِكَ إثَابَتُهُ**

[1] رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث طلحة ابن عبيد
[2] سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها
[3] متفق عليه من حديث أبى شريح الخزاعي رضي الله عنه
[4] صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه 


مائدة المسلم بين الدين والعلم ط2

منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
[/QUOTE]



الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ



نسمع في بعض الآنات ممن ينتسب لدين الإسلام ويقيم نفسه معلماً للإيمان حديثاً عن الموتعلى أن الموت فيه شدِّات وفيه عناء وفيه كرب وفيه همٌّ وبلاء ويُحدثون بذلك المسلمين فإذا سألتهم لِمَ ذلك؟ يقولون: حتى نخوفهم من الموت فيستعدون للقاء الله عز وجل وأولى بنا جماعة المؤمنين أن نفهم كل مصطلحات الدين من كلام الله ومن الصحيح الوارد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ماذا قال الله عز وجل عن المؤمن إذا جاءت وفاته وحان وقت خروجه من الدنيا؟ اسمعوا إلى الله وهو يقول {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ** (32:النحل)

كيف يتم هذا الأمر؟ وضحه وبينه حبيب الله وصفيُّ الله سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحدثنا عن لحظة خروج روح العبد المؤمن من جسده ومفارقته للحياة الدنيا فقال صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه البراء بن عازبٍ رضي الله عنه {إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ 

ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ

قَالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ 

فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم 

فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ،.قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ 

قَالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي**[1] 

يقول رب العزة عن المؤمنين {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاخِرَةِ** (27:إبراهيم) 

فإذا سُئل من الملكين ثبته الله وألهمه الجواب ونطق بالصواب هذا للعبد المؤمن ولكل مؤمن بُشريات من الله لا حدَّ لها ولا عدَّ لها لو سمعناها سنتمنَّى الموت {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ** (6:الجمعة)

أشير إلي بعضها في عُجالة سريعة :

وقف النبي صلّى الله عليه وسلّم على رجلٍ من الأنصار تُقبض روحه وقال صلوات ربى وتسليماته عليه {يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ: طِبْ نَفْسًا وَقَرَّ عَيْنًا وَاعْلَمْ أَنِّي بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ**[2] 


يقبض روح المؤمن بالشفقة لأن الذي يقبض روحه هم ملائكة الرحمة النازلين من الجنة يبشرونه بفضل الله ويكشفون له عما له عند الله من الإكرام في الدار الآخرة وفي جنة الله عز وجلّ فإذا كُشف عنه الغطاء ورأى هذا العطاء تمني أن يخرج من الدنيا ليُنعَّم بما رآه من عطاء الله وفيض الله ونعيم الله جلّ في عُلاه 

ثم بعد ذلك يُكرم الله المؤمنين فيأمرنا جماعة المؤمنين أن نُغسّله وأن نكّفنه وأن نُصلى عليه لماذا نُصلّي عليه؟ الصلاة منا شفاعة له عند الله فكأننا نقول : يا رب بما لنا عندك من فضل إغفر له وارحمه وأدخله الجنة وتجاوز عنه، والله عز وجل يستحي إذا رفع العبد يديه بالدعاء أن يردّه صفراً من عطائه ولذا قال صلّى الله عليه وسلّم {مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ**[3] 

فإذا لم نجد هذا العدد قال صلّى الله عليه وسلّم {مَا صَلَّى ثَلاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلا أَوْجَبَ**[4] 

وأمرنا صلّى الله عليه وسلّم إذا رأيناه يعتاد المسجد ويُلازم على الصلاة في المسجد أن نشهد له بالإيمان وأن نشهد له بالصلاح فقال صلّى الله عليه وسلّم لنا جماعة المؤمنين أجمعين {إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ**[5] 

ويحكي قصة هذه الشهادة إذا ذهبت لغير مؤهل لنوالها يوم القيامة فيقول صلى الله عليه وسلم {إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مِنْهُ شَرًّا وَيَقُولُ النَّاسُ فِي حَقِّهِ خَيْرًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى عَبْدِي وَغَفَرْتُ عِلْمِي**[6] 

فيدخل العبد الجنة بشهادة المؤمنين وبصلاة المؤمنين وبحضور المؤمنين لجنازته لأن هذا فضلٌ من الله عز وجل لعباده المؤمنين وأتباع سيد الأنبياء والمرسلين صلّى الله عليه وسلّم ويرغّب الله عز وجل المؤمنين في هذه الأعمال فيجعل ثواباً عظيماً على ذلك يقول فيه صلّى الله عليه وسلّم {مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ**[7] 

فإذا شيعناه إلي مثواه الأخير كانت له بُشرى فقد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَا يُتْحَفُ بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ؟ قَالَ {يُغْفَرُ لِمَنْ تَبِعَ جِنَازَتَهُ**[8] 

[color="red"]فيُعطينا الله ثواب جبلٍ من الأجر والثواب على الصلاة وثواب جبل من الأجر والثواب على التشييع ثم يغفر الله لنا أجمعين إذا شيعناه إلي مثواه الأخير كل هذا حتى يفرح المؤمنون بفضل الله ويعلمون قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم {أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ مُتَابٌ عَلَيْهَا تَدْخُلُ قُبُورَهَا بِذُنُوبِهَا وَتَخْرُجُ مِنْ قُبُورِهَا لا ذُنُوبَ عَلَيْهَا تُمَحَّصُّ عَنْهَا ذُنُوبُهَا بِاسْتِغْفَارِ الْمُؤْمِنِينَ لَهَا**[9]

من فضل الله عز وجل علينا أنه سبحانه وتعالى جعل لكل مؤمنٍ يتعرض لمصيبة الموت ويستسلم لقضاء الله ويقول كما قال الله {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ** (156:البقرة) 

ولا يفعل ولا يقول ما يُغضب الله إن كان من الرجال أو من النساء من فعل ذلك فماذا له عند الله؟ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ** (155-157:البقرة) 

يصلّي الله عليهم صلاة يرحمهم بها ويزيدهم هُدى في حياتهم إلي أن تنتهي آجالهم عند الله جلّ في عُلاه فإذا خرجوا من الدنيا وذهبوا إلي الآخرة فازوا بقول الله في كتاب الله {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ** (10:الزمر) 

يدخلون الجنة بغير سؤال ولا ميزانٍ ولا صراطٍ ولا حساب لأنهم صبروا على أمر الله وقضاء الله ولم يفعلوا ما ينهي عنه شرع الله وما نهي عنه سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه البُشريات الكريمة يحاول الشيطان وتحاول النفس أن تحرم منها الإنسان الذي أصيب بالمصيبة إن كان رجلاً أو امراة فتجعله يقول بلسانه قولاً يُعلن به أنه يتبرّم من قضاء الله وأنه غير راضٍ عن أمر الله أو يفعل بيده على وجهه أو يفعل بيده في ثوبه أو يفعل أى عملٍ نهى عنه الحبيب في قوله {لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ**[10] 

هذا العمل يحرمه من هذا الثواب ومع ذلك لا يستطع أن يرُدّ قضاء الله ولا أن يدفع أمراً أبرمه الله إذن الحكيم في هذه الدنيا هو الذي يُسلِّم لأمر الله ويرضي بما قضى الله حتى لا يحرم نفسه من الثواب العظيم الذي جعله الله لمن يرضى بقضاء الله سبحانه وتعالى ومن لم يرضي فعليه بما قيل في الأثر {من لم يرضى بقضائي فلينظر أرضاً غير أرضي ويطلب رزقاً غير رزقي وليختر رباً سوائي** ولا مخرج له ولا منجى له من الله إلا الله عز وجلّ

ومن الخير الذي ادَّخره الله لأمة حبيبه ومصطفاه أنه يختار لهم إذا جاء الأجل أن يموتوا في زمنٍ كريمٍ أو يموتوا على حالٍ عظيم وكريم فإذا مات المرء يوم الجمعة أو يومها يقول في شأنهم صلّى الله عليه وسلّم {مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ**[11] 

أو يجعله الله عز وجل يموت على حالة كريمة كأن يموت بمرضٍ في بطنه أو يموت غريباً بعيداً عن بلده أو يموت غريقاً أو يموت حريقاً أو يكون له أى أمرٍ من هذه الأمور التي يقول فيها صلّى الله عليه وسلّم {مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: الَّذِي يُقَاتِلُ فَيُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ الْقَتِيلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ**[12] 

والمبطون أي الذي مات بمرض في بطنه وما أكثرهم في هذا الزمان إن كان مات بداءٍ في المعدة أو داءٍ في الكبد أو داءٍ في الطحال كل من مات بداءٍ في بطنه فهو شهيدٌ عند الله عز وجل فجعل الله عز وجل موتى المؤمنين في هذا الزمان مُكرمين بالأحايث التي وردت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى أهل الميت كل وقت وحين أن يراجعوا أنفسهم في كل لحظة بعد الموت من تسديد الديون لله ولخلق الله 

فإذا كان على الميت دينٌ لأحد من الخلق سددوه أو ضمنوه وإذا كان عليه دينٌ لله إن كان عليه صيامٌ أخرجوا عنه الفدية فوراً أو صاموا عنه بعد ذلك إن لم يستطيعوا دفع الفدية وإن كان عليه زكاة أخرجوها فوراً كل الديون يستطيعون سدادها إلا الصلاة فلا يستطيع أحدٌ أن يؤدّي الصلاة عن أحد لأنها عبادة فردية للواحد الأحد عز وجل فإذا أدينا ما عليه استقر وكنا قد بررناه لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لرجل مات أخوه وعليه دَين {إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ**[13] 

ثم بعد ذلك ندعوا له الله ونقرأ له كتاب الله ونتصدّق عنه وخير الصدقة الصدقة الجارية التي يدوم نفعها للفقراء من عباد الله ونذكره دائماً بالخير ولا نذكر خطاياه لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم {اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ**[14]

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


[1] رواه الإمام أحمد و أبو داود وروى النسائي وابن ماجه أوله ورواه الحاكم و أبو عوانة الإسفرائيني في صحيحيهما و ابن حبان [2] الطبراني[3] صحيح مسلم[4] سنن البيهقي[5] سنن ابن ماجة[6] مسند أبي حنيفة[7] سنن النسائي[8] شعب الإيمان للبيهقي[9] الطبراني[10] البخاري ومسلم[11] مسند أحمد[12] مسند أحمد[13] البيهقي[14] سنن الترمذي

اضغط هنا لتحميل الخطبة كاملة مجاناً

[/

إشراقات الله للمؤمنين عند الموت - منتديات ساعة لقاء

الاثنين، 18 نوفمبر 2013

أضرار الخمور والمواد الكحولية



بسم الله الرحمن الرحيم

حرّم الإسلام الخمر بل وجعلها أم الخبائث وقد نفى بعض الجهال تحريمها لأنها لم يقترن معها في آيات القرآن لفظ يدل على التحريم مع أن النص الذي جاء لتحريمها في كتاب الله أشد وقعا وأبلغ زجرا في ردع مرتكبي هذا الإثم وهو قول الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة90

والمتأمل في الآية يجدها تفتتح بأسلوب الحصر (إِنَّمَا) لتأكد على شدة تشابه هذه الأشياء الأربعة ولذا وصفتها كلها بوصف واحد تستقذره النفوس الفاضلة ولا تستسيغه وهو أنها (رِجْسٌ) 

ثم تذهب إلى أبعد مدى في التحريم فتصفها بأنها من عمل الشيطان حتى يسارع الإنسان المؤمن إلى تركها ثم تأمر أمر صريحا لا يقبل مواربة بترك هذه الأشياء كلها جملة واحدة وذلك في قوله سبحانه (فَاجْتَنِبُوهُ) ولم يقل فاجتنبوهم لينبه على أن حرمتهم واحدة

فكأن من أباح الخمر قد يكون قد أباح القمار وأباح عبادة الأصنام لأن حكمهم واحد وهذا ما لا يقوله عاقل ناهيك بعد ذلك بالأحاديث الصحيحة الكثيرة التي حرمت الخمر بل كل مسكر ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ}[1] 

بل إنه صلى الله عليه وسلم ذهب أبعد من ذلك فحرم الأشياء التي لا تسكر إلا بعد العبّ منها بكثرة ولا يسكر الإقلال منها درءاً للشبهات وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم {مَا أسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ} [2] 

وقد نبه صلى الله عليه وسلم إلى ما سيحدث من بعده فى شأن الخمر حيث يسميها البعض بغير اسمها هروبا من الإثم وذلك حيث يقول {لَيَشْرَبَنَّ أناسٌ من أُمَّتِي الخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بغيرِ اسْمِهَا}[3] 

هذا وقد سد النبي صلى الله عليه وسلم الذريعة أمام من يزعمون أنهم يتداوون بها فقال صلى الله عليه وسلم {إنَّ الله أنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءَ فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَتَدَاوَوْا بِحَرَامٍ}[4] 

{وروي أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: سُوَيْدُ بْنُ طَارِقٍ سَأَلَ النَّبيَّ عَنِ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ فَقَالَ: إِنَّما أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ النَّبيُّ : إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ}[5] 

حتى أنه صلى الله عليه وسلم لعن كل من يمس الخمر ولو لم يشربها وذلك حيث يقول أنس بن مالك رضي الله عنه فيما رواه ابن ماجه والترمذي {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ فِي الْخَمْرَةِ عَشَرَةً : عَاصِرَهَا وَالْمَعْصُورَةَ لَهُ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَالْمُسْقَى لَهُ وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ لَهُ وَالْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرى لَهُ وَآكِلَ ثَمَنِهَا}

وذلك التشديد في تحريم الخمر يرجع إلى أنها تخمر العقل وتستره مما يجعل لها أضرارا جسيمة على الجسم والأعصاب والعقل والأخلاق وتفصيل تلك الأضرار التي اكتشفت حتى الآن يحتاج إلى مجلدات ولكن حسبنا أن نشير إلى ما ذكره الدكتور محمد وصفى في كتابه {القرآن والطب} صـ 138 حيث يقول :

{وللخمر تأثير على المراكز العصبية حيث تنبهها في أول الأمر ولكن لا يلبث الحال أن ينعكس فيحدث الخمول فى هذه الأعصاب وينتهي الأمر بتخديرها وتعطيل عملها ومن ثم يتسبب في الموت الذي يكون نتيجة مباشرة لإيقاف عمل المراكز الحيوية في الجسم}

هذا الحال هو ما نشاهده في شارب الخمر فتراه أولا قد انعدمت عنده فضيلة المروءة والحياء وينطق لسانه بألفاظ لو كان حافظا لقواه العقلية مافاه بها وتصدر عنه أفعال وحركات تضحك الثكلى وشر البلية ما يضحك 

هذه الفترة هي التي تجعل من الإنسان حيوانا مهينا مستهترا بالكرامة والدين معرضا للوقوع في حبائل الرذيلة والعناد وهى قصيرة الأمد لا تلبث فترة الخمول أن تأتى عليها فترى الشاب وقد اختلت أعمال مخه وفقد إحساسه وتجسمت فيه البلاهة بأقبح أشكالها 

وسرعان ما يدخل السكران في الفترة الثالثة وعندها يكون السم قد عمل عمله في المراكز العصبية الحيوية فى الجسم فيعطل عملها ويحدث الوفاة وقد يكون سبب الموت تعطيل الخمر لعمل مراكز التنفس والدورة الدموية جميعا 

فالخمر هي الدافع الأساسي لجميع الموبقات بل أنها تقتل العواطف السامية في الإنسان كالحنان والعطف والواجب وتعمل كذلك على إضعاف الإرادة وتعطيلها وتسلب قوة السيطرة على النفس 

هذا بالإضافة إلى الأمراض التي تسببها والتي قد ألمح إليها الدكتور/ السيد الجميلى فقال {نلخص هنا في إيجاز وتركيز أضرار الخمور والمواد الكحولية} 

1 - غياب المرء عن ذكر ربه واقترافه الإثم وارتكابه الذنب والمعصية دون إدراك

2 - قرحة المعدة أو قرحة الإثنى عشر والتهابات الجهاز الهضمي

3 - احتقان الجهاز التناسلي 

4 - التهاب الأعصاب المتطرفة المتعددة والضعف الجنسي 

5 - اليرقان وتليّف الكبد

6 - الإدمان حيث يصبح الإنسان أسير العادات السيئة مع عدم الاستجابة للتخدير العام 


{1} رواه مسلم وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما {2} رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي عن جابر رضي الله عنه {3} رواه أحمد وأبو داود وابن حّبان عن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه {4} رواه أبو داود عن أبى الدرداء رضي الله عنه {5} رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن طارق بن سويد الجعفى 

مائدة المسلم بين الدين والعلم ط2

منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


أضرار الخمور والمواد الكحولية