الاثنين، 23 ديسمبر 2013

همسات: طريق المعرفة الحقيقية عند الصوفية

 ...

.....جهاد العارفين للهوى ولذلك فمن بدايتهم، نزعوا الهوى من النفوس، وجعلوا هواهم الأوحد في المليك القدوس :

قد كان لي قبل أهواء مفرقـة . فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي 
إذا كان الغافل له هوى في النساء، أو في المال، أو في الأكل، أو في أي شهوة أو غرض، فإن الذي عرف الله:....عينه لا تلتفت لحظةً هنا أو هناك.فسيدنا رسول الله: أشهده الله كل الجمالات من الجنَّات والعرش، والكرسي !!..لكنه كما أثنى عليه ربهمَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [سورة النجم] فلم يلتفت هنا أو هناك!!، وهل بعد جمال الله !،.وكمال الله !، ينظر إلى شئ؟ وهل هناك ما يطرف العين بعد هذه الجمالات والكمالات، وكذلك الذي يرى الحبيب الأعظم هل يريد أن يرى شيئا بعده؟ 
قد كان لي قبل أهواء مفرقـة . فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي
تركت للناس دنياهم ودينهم ... شغلا بذاتك يا ديـنى ودنيائــى

فالذي اشتغل بالله حقا، وصدقا: لا يلتفت لغيره طرفة عين، ولا أقل.!! وهؤلاء هم الرجال الصادقون، الذين قال الله فيهم (اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) [التوبة] لماذا؟ لتكونوا معهم على الأقل فمن أحب قوما حشر معهم أو تكونوا منهم، وهذا الذي عنده همَّة وعزيمة! فإما أن نكون معهم، أو منهم. فالذي منهم يرث، وماذا يرث ؟ يرث علما، ونوراً، وحالاً، وفتحاً، وكشفاً، والهاماً، وفضلاً من ميراث الحبيب المصطفى : {إنما نورث علما ونورا} أي يأخذ حظه من العلم، أو حظه من النور، وما العلم الذي تركه رسول الله؟ علم القرآن، وعلوم الحقائق، وعلوم الدقائق، وعلوم الرقائق، وعلوم الفتح، وعلوم الكشف، وعلوم الفضل،.....علوما، يقول فيها الإمام أبو العزائم وأرضاه: 
فلو أنى أبـوح ببعض ما بي   لأحـرقت المشارق والمغارب
وولعت القلوب بحب ذات      تحــلى  من حلاها كل طالب

ويقول أيضا :
لو ذاق أهل البعد بعض مدامتى. تركوا الجدال وأحرقوا علم الرسوم
علوماً، يقول فيها الإمام على :" لو فسرتُ فاتحة الكتاب بما أعلم، لوقرتم سبعين بعيرا"علوما ليس لها حصر..!! من أين جاءت هذه العلوم؟ ... هذه وراثة من رسول الله ، وليست دراسة بإعمال الفكر والعقل والمشاهدة أو التجربة، ... بل هي وراثة نبوية مصطفوية فعلوم الوراثة غير علوم الدراسة فعلوم الدراسة: ربما يفنى المرء حياته كلها، ولا يستطيع أن يبلغ الغاية في التعمق في ميدان واحد من هذه الميادين، كما نرى.لكن علوم الوراثة: يحصل الإنسان فيها ما يشاء من العلوم في أقل من لمح البصر، إذا فتحوا له الباب وأدخلوه الرحاب، وكسوه حلة الأحباب، وجمَّلوه بجمال هذا الجناب، فإن كنوز فضل العلي الوهاب تنزل عليه بغير حساب (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [سورة النور] وهذه العلوم هي التي عاش فيها وبها أصحاب رسول الله ، يمكن أحدث نظرية تربوية في وزارة التربية والتعليم، أو التعليم الجامعي، يقولون فيها: نحن نوجه الطالب ليحصل المعلومة بنفسه، هذه هي النظرية القرآنية الإسلامية فرسول الله كان يوجههم وهم يحصِّلون،
حقيقة المعرفة
ماذا يريدون من المعرفة؟ يريدون معرفة أشهد أن لا إله إلا الله.
ويريدون معرفة أشهد أن محمد رسول الله. يشهدونها..... ولذلك قالوا : أن الناس في الإيمان درجات: فيهم العوام المؤمنين لأنهم ولدوا من أباء وأمهات مؤمنين ومسلِّمين، وهناك العلماء الذين لا يؤمنون إلابالأدلة والبراهين، وهؤلاء على قدرهم !، وهناك الأفذاذ والأكابر الذين يؤمنون عن شهود !، لا عن دليل أو برهان !، وإنما عن شهود بعين أوجدها فيهم الرحمن عزوجل ، وهذه العين موجودة في القلب...:
( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور )[الحج]، ) قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى ( [108 يوسف]

فالتصوف يدور حول هذه الحقيقة :
أن الصوفية يريدون المعرفةالذوقية، أو إن شئت قلت المعرفة العينية، أو إن شئت قلت المعرفة الشهودية للحقائق الغيبية القرآنية التي جاء بها القرآن ونزل بها الوحي على النبي العدنان صل الله عليه وسلم .
عجائب الرؤيا الصادقة
هل يصدق العقل بإمكانية ذلك؟
نعم، ولم لا، وعجائب الرؤية الصادقة تُنبئ عن ذلك، فإن الرؤية الصادقة التي يراها الناس في المنام وتتحقق في اليقظة: إنما هي قبس من عالم الغيب، يراه الإنسان عند نومه وتتحقق له في عالم اليقظة.
والذين يَعْبُرَون هذه الرؤى لا يستنبطون بفكرهم، وإنمايعبرون بأرواحهم إلى هذه الحقائق التي أتت إلى محدثيهم وأحبابهم، وينبئونهم كما شهدوها ورأوها بأرواحهم. ولذلك قديزيدون على الرؤية، وقد ينقصون منها، فعلى سبيل المثال :
رؤيا الملك في سورة سيدنا يوسف عليه السلام، عندما قال الملك :
( إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضروأخر يابسات) ([43يوسف]
بم أوَّلها سيدنا يوسف؟ قال: سيكون سبع سنين رخاء، ثم سبع سنين عجاف، وعام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون!!، هل هذا العام مذكور في الرؤيا ؟لا، لأن الرؤيا فيها سبعة وسبعة فقط، وهذا العام غير موجود في الرؤيا... من أينأتى به؟وما كنتم للرؤيا..ليس "تُعَبِّرُونْ "..ولكن " تَعْبُرُون "..:.. تعبرون بأرواحكم إلى المصدر الذي تبث منه الرؤيا، ولذلك قال :
( ذالكما مما علمنى ربى) ` [37 يوسف]
وهذا علم علمه من الله عزوجل .
ولذلك لماذا برع ابن سيرين في الرؤيا؟ 
لأنه رأى سيدنا يوسف في المنام،وقال له: افتح فاك، ففتح فاه فوضع فيه لسانه، فمص لسان سيدنا يوسف عليه السلام،فقام من نومه وقد أحسن تأويل الرؤيا... وراثة.وعندما كان يستفتيه الناس في الرؤىكان يفتيهم ويفسر لهم بالإلهام:
@ جاءه رجلان في مجلس واحد، فقال أحدهما :
رأيت في المنام أني أؤذن، فقال:إنك ستسرق وتقطع يدك.
وجاءه في نفس الوقت الرجل الآخروقال: رأيت أني أؤذن، فقال :ستحج إلى بيت الله الحرام. فتعجب الحاضرون، فقال: عندما حدثني الأول كانت الآية التي مرت على خاطري :( ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون )([يوسف]
ولما حدثني الآخر: كانت الآية التيمرت على خاطري
(وإذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا) ([آية27سورة الحج]
@ ذهب إليه الإمام أبو حنيفة في مقتبل عمره وقال له: رأيت رؤيا أهالتني وأفزعتني، وكان في غاية الحزن بسبب هذه الرؤيا قال: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أنى ذهبت إلى قبر رسول الله صل الله عليه وسلم ، ونزلت فيه فوجدته صل الله عليه وسلم ، عظاما فجمعت هذه العظام، فقال له: إنك ستجمع سنته. وذلك لأنه علم إلهامي من الله عزوجل .ولا ينفع تأويل الرؤيا من أي كتاب ككتب علم النفس أو غيره حتى كتاب ابن سيرين.
إذن ماذا يفعل المؤول؟ .. يقف على باب قلبه، حتى يفتح الله عزوجل له باب تأويل الرؤيا فيؤلها بربه لا بنفسه ولا بفكره ولا بعلمه،فالذي يؤول برأيه أو بفكره أو بعلمه: قد يخطئ في الإجابة، لكن الذي يؤول بربه لايخطئ أبداً ، لأنه من باب:
(وعلمناه من لدنا علما) ([سورةالكهف]
ولم يقل بقية العلوم، ولكن علماواحدا يستطيع تحمله أو يليق به أو يحتاج إليه، وعلوم الله لا حد لها ولا انتهاءلها.
فهذه العلوم التي خص الله بهاهؤلاء القوم نتيجة الوقوف على بصائرهم حتى يفتحها الفتَّاح عزوجل ، فتطلع على عالم الغيوب، فتنظر فيه إلى مواهب الله وإلى ما خص به الله أحبابه وأصفيائه :
فينطقون معبرين لمن اصطفاهم الله عما يستطيعون تحمله مما كاشفهم به الله جل في علاه، ويبقى هناك علوم وأسرار لايستطيعون إذاعتها أو نشرها أو بثها، يقول فيها الإمام علي زين العابدين رضى الله عنه :
يا رُب جوهر علـم لو أبوح به... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسـلمون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسناً
وهذا باختصار موضوع المعرفة عندالصوفية :
فالصفاء يحتاج إلى المجاهدة، ثم بعد الصفاء تأتى المشاهدة، وفي المشاهدة تلوح لهم وعليهم أنوار العناية.
- منهم من يجمل بالفراسة. - ومنهم من يجمل بالمكاشفة.
- ومنهم من يجمل بالمحادثة .- ومنهم من يجمل بالإلهام.
- ومنهم من ينطق بغوامض الحكمة، 
كل واحد على قدر ما يعطيه الله ويفتح له من كنوز عطـاء الله عزوجل  .
ولذلك لو بحثنا عن معنى الصوفية وتعريفها، كلها نجدها :
@ إما تتحدث عن الوسيلة وهى الجهاد.
@ أو الغاية وهى المشاهدة.
والوسيلة الغاية منها الصفاء، وبعدالصفاء..: المشاهدة.
رأي الدكتور عبد الحليم محمود في الصفاء والمشاهدة
وفي ذلك يقول الإمام د.عبد الحليم محمود في كتابه "قضية التصوف" وهو يحلل تعريف أبو بكرالكتاني للتصوف بأنه صفاء ومشاهدة:
(( وإذا نظرنا إلى تعريف الكتاني،فإننا نجد أن عباراته المختصرة :قد جمعت بين جانبين هما اللذان -فيما نرى - يكونان - في وحدة متكاملة - تعريف التصوف...:أحدهما :وسيلة...، والثاني : غاية....،
أما الوسيلة : فهي الصفاء.  وأما الغاية : فهي المشاهدة.
والتصوف من هذا التعريف: طريق،وغاية.
وطريقه يتضمن نواحي كثيرة تشيرإليها تسميته نفسها.
ولعل ذلك من الأسرار التي كانت السبب في هذه التسمية، واتخاذها عنواناً على هذه الطائفة. @ لقد قال جماعة: إنما سميت "صوفية"، لصفاء أسرارها..ونقاء آثارها.
@ وقال "بشر بن الحارث":الصوفي: من صفا قلبه لله.
@ وقال بعضهم: الصوفي :
من صفت لله معاملته، وصفت له من الله عزوجل كرامته.
وهؤلاء يهدفون إلى أن كلمة:"الصوفية" إنما تشير إلى الصفاء، وهذه الإشارة لا تخضع لمقاييس اللغة، وما دامت "إشارة" فإنه من التعسف أن يجادل إنسان في أمر انسجامها مع اللغة وعدم انسجامها.
@ ويقول قوم: أنهم سموا "صوفية" لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عزوجل ، بارتفاع هممهم إليه، وإقبالهم بقلوبهم عليه، ووقوفهم بسرائرهم بين يديه.
@ وهؤلاء إنما يعبرون عن إشارةالصوفية إلى الصف: أي إلى الصف الأول في العمل على الوصول إلى الله والجهاد فيسبيله.
@ أما إشارة الكلمة إلى "أهلا لصفة" الذين كانوا على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم ، إنما تشير إلى أوصافهم من العبادة، والتهجد، وعدم الطمع في الدنيا،واستعدادهم الدائم للجهاد في سبيل الله.
@ وتشير الكلمة للصفة: أي الصفةالكريمة، التي لا يتعلق فيها القلب بالمادة وإنما يتعلق بالله تعالى.وكل ذلك إنما هو حديث عن الوسائل.
على أن هذه الوسائل التي تشير إليها الكلمة لها وسائل أخر.
@ هذه الوسائل الأخر منها ما يعبرون عنه بقولهم:"لا يَملك ولا يُملك"..!!، ويعنون بذلك أنه: " لا يسترَقَّه الطمع "..:وهذه الكلمة لها مدلول واسع :
هو أن يتحرر الإنسان من الدنيا :
حتى ولو ملكها عريضة طويلة، يتحرر من الجاه، من الانغماس في الملذات، من الجري وراء المال، من حب السلطان، من حب الترف، من الصفات التي تتنافى مع الفضيلة.
@وخاتمة المطاف في هذه الوسائل:
أنها تؤدي إلى الصفاء، فإذا ما حل الصفاء، كان عند الإنسان استعداد كامل للمشاهدة، فيجود الله عليه بها، إن شاء.هذه المشاهدة هي أسمى درجات المعرفة : وهي الغاية النهائية التي يسعى وراءها ذووالشعور المرهف والفطر الملائكية، والشخصيات الربانية، فالتصوف إذاً معرفة – أسمىدرجات المعرفة بعد النبوة – إنه مشاهدة وهو طريقة إلى المشاهدة. 
وإذا أردنا أن نلجأ إلى الإمام "الغزالي" في تلخيص الطريق والغاية، فإننا نجده يقول في كتابه الخالد: "إحياء علوم الدين" :
"الطريق تقديم المجاهدة، ومحو الصفات المذمومة، وقطع العلائق كلها، والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، ومهما حصل ذلك كان اللهالمتولي لقلب عبده، والمتكفل له بتنويره بأنوار العلم. وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة، وأشرق النور فيالقلب، وانشرح الصدر، وانكشف له سر الملكوت، وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطفالرحمة، وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية، فإذا ما حصل ذلك كانت المشاهدة.
@@ومن القصص اللطيفة التي تصور الوسيلةإلى المشاهدة في سهولة ويسر، القصة التالية :قال ذو النون رأيت امرأة ببعض سواحل الشام.فقلت لها:من أين أقبلت رحمك الله ؟، قالت:من عند أقوام تتجافى جنوبهم عن المضاجع، يدعون ربهم خوفاً وطمعا، قلت: وأين تريدين؟ قالت: إلى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، قلت: : صفيهم لي،فأنشأت تقول:
قوم همومهم بالله قــد علقت ... فما لهم همم تسموا إلى أحــد
فمطلب القوم مولاهم وسيدهم ... يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف ... من المطاعم واللذات والولــد
ولا للبس ثياب فائـق أنـق ... ولا لروح سرور حل في بلــد
إلا مسارعة في إثر منزلــة ... قد قارب الحظـو فيها باعد الأبد
فهم رهائن غدران وأوديـة ... وفي الشوامخ تلقاهم مع العـدد

@ ثم يستطرد في حديثه عن المشاهدة قائلاً:"والمشاهدة التي هي الغاية (للصوفية) هي أيضاً تحقيق واقعي للتعبير، الذي ننطق به في كل آونة حينما نقول :"أشهد أن لا إله إلا الله ".. فالشهادة هي غاية الصوفي، وهو إنما يسعى جاهداً إليها بشتى الوسائل ليحقق بالفعل مضمون ما يلفظ به قولاً، أو ما يقوله حروفا ً.
وما من شك في أن تعاريف التصوف الكثيرة التي نجدها منثورةهنا وهناك، والتي تكاد تبلغ الألف، إنما تعبر في أغلب الأحايين عن زاوية من زواياالتصوف تتصل بالوسيلة، أو تتصل بالغاية، فلا يمكن أن يقال عنها إذا ما كانت كذلك،إنها خطأ تام، ولكن الخطأ إنما هو في أخذها على أنها تعبر عن الحقيقة الكاملة ...ولكنا يمكننا القول بأن أقرب ما يعبر عن الحــقيقة الكاملة من هذه التعريفات الكثيرةإنماهو تعريف الكتـاني:

التصوف صفاء ومشاهدة.[كتاب قضية التصوف: ص: 43-47، دار المعارف1988].

الجن يبشر بميلاد الرسول صل الله عليه وسلم - اكس ورلد فور عرب

 بسم الله الرحمن الرحيم
قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب الجن بعقول الناس ، والجن ينتشرون في فترة ضعف الإيمان ، وانتشار الجهل ، فالمدة التي بين سيدنا عيسى ورسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى { الفترة} ، وفي هذه الفترة طغى الجن وبغوا ، خاصة وأن الجن من طبيعتهم التي فطرهم عليها الله الخفة والطيش ؛ فحتى المؤمنين منهم على هذه الشاكلة ، ولذلك نسمع عن سرعة أذاهم للإنس 
فبعضهم كان يمسُّ الإنس في لحظات الضعف والخوف ، فيؤذونهم ويضرونهم ، وبعضهم كان الجن يتملَّك منهم فينطق على ألسنتهم ، ويخبر الناس بأشياء يخفونها ، ولم يطلعوا عليها أحد ، ولكن الجن يرونها من باب قول الله {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} الأعراف27 
فكان الذي ينطق الجنُّ على لسانه من الإنس يلقب بالكاهن ، والجنُّ الذي يأتي الكاهن يسمى التابع ، وقد ذاع صيت هؤلاء الكهان ، وفشي أمرهم في الجزيرة العربية قبل بعثته صلى الله عليه وسلم لكثرة انتشار الجهل والمرض ، وإيمان الناس بالخرافات والأوهام ، حتى أنهم أوهموا الناس أن أحدهم إذا أمسى عليه الليل في مكان قفر ، ويريد ألا يؤذيه أحد فعليه أن يقول : " أعوذ بكبير هذا الوادي " لأنهم صاروا يعتقدون أن لكل وادي شيطان يحميه 
ومنهم من كان يدخل في جوف الأصنام ليذيع نبأ استرقه من السماء ، ليضلَّ الناس ؛ ويجعلهم يعتقدون أن هذه الأحجار آلهة تسمع وتنطق وتعرف الغيب ، فيسارعون إلى إرضائها بعبادتها ، وتقديم الذبائح والأطعمة كقرابين لها ، فلعب الجنُّ بعقول الناس من هذه الطرق ، حتى خربوا العقائد ، وأضلُّوا الناس عن الطريق المستقيم 
وعندما انتقل النور المحمدي إلى بطن السيدة آمنة المصونة ، التقيَّة ، النقيَّة ، فالسماء جهزت مدافع تطلق صواريخ نارية مضادة للجنَّ ، فتطلق على من يصل إليها من الجنَّ شهابا رصدا أي صاروخاً يحرقه فورا {فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً} الجن9
فحرموا من استراق السمع ، وضعفت شوكة الجن ، حتى أن كثيراً من الناس كان عندما يستعيذ بكبير الوادي كما هو المتَّـبع ؛ يسمع صوتاً يقول له {إنَّ نبي آخرِ الزْمَانِ قَدْ وُلِدَ ، وَ لا يُسْتَعَاذُ إلا بالله عز وجل ، فَقُلْ : أعُوذُ باللهِ السَّميعِ العَليم مَنْ الشَّيطَان الرَّجِيم}
ولذلك تروى لنا كتب التاريخ الإسلامي أن ما يزيد على المائتي رجل ؛ دخلوا الإسلام عن طريق الجن بهذا الأسلوب الذي ذكرناه آنفاً ، وهكذا كان من البشائر بولادته صلى الله عليه وسلم منع سطَّوة الجنِّ ، ومنع شروره ، ومنع استراق سمعه لخبر السماء 

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4
منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً

الجن يبشر بميلاد الرسول الله
للتواصل مع فضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد وللفتاوى والأسئلة:
1- للتحدث مباشرة مع الشيخ: إتصل بتليفون 0020405340519 بعد صلاة العشاء ولمدة ساعتين يوميا عدا الخميس والجمعة.
2- على صفحة: إتصل بنا ، من داخل الموقع الرسمى للشيخ: www.fawzyabuzeid.com
3- عبر البريد الإليكترونى أرسل إلى أى من:
fawzy@fawzyabuzeid.com , fawzyabuzeid@yahoo.com , fawzyabuzeid@hotmail.com , fawzyabuzeid48@gmail.com
4- للرسائل النصية أو إس إم إس عند الضرورة فقط أرسل إلى :
00201115561728 - 01225642362002
5- إذا كان السؤال لبرنامج الفتاوى الفورية فاذكر ذلك، وللرد الخاص فاكتب بريدك الإليكترونى.[/QUOTE] 

السبت، 21 ديسمبر 2013

الجن يبشر بميلاد الرسول صل الله عليه وسلم - اكس ورلد فور عرب


بسم الله الرحمن الرحيم

قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب الجن بعقول الناس ، والجن ينتشرون في فترة ضعف الإيمان ، وانتشار الجهل ، فالمدة التي بين سيدنا عيسى ورسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى { الفترة} ، وفي هذه الفترة طغى الجن وبغوا ، خاصة وأن الجن من طبيعتهم التي فطرهم عليها الله الخفة والطيش ؛ فحتى المؤمنين منهم على هذه الشاكلة ، ولذلك نسمع عن سرعة أذاهم للإنس 

فبعضهم كان يمسُّ الإنس في لحظات الضعف والخوف ، فيؤذونهم ويضرونهم ، وبعضهم كان الجن يتملَّك منهم فينطق على ألسنتهم ، ويخبر الناس بأشياء يخفونها ، ولم يطلعوا عليها أحد ، ولكن الجن يرونها من باب قول الله {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} الأعراف27 

فكان الذي ينطق الجنُّ على لسانه من الإنس يلقب بالكاهن ، والجنُّ الذي يأتي الكاهن يسمى التابع ، وقد ذاع صيت هؤلاء الكهان ، وفشي أمرهم في الجزيرة العربية قبل بعثته صلى الله عليه وسلم لكثرة انتشار الجهل والمرض ، وإيمان الناس بالخرافات والأوهام ، حتى أنهم أوهموا الناس أن أحدهم إذا أمسى عليه الليل في مكان قفر ، ويريد ألا يؤذيه أحد فعليه أن يقول : " أعوذ بكبير هذا الوادي " لأنهم صاروا يعتقدون أن لكل وادي شيطان يحميه 

ومنهم من كان يدخل في جوف الأصنام ليذيع نبأ استرقه من السماء ، ليضلَّ الناس ؛ ويجعلهم يعتقدون أن هذه الأحجار آلهة تسمع وتنطق وتعرف الغيب ، فيسارعون إلى إرضائها بعبادتها ، وتقديم الذبائح والأطعمة كقرابين لها ، فلعب الجنُّ بعقول الناس من هذه الطرق ، حتى خربوا العقائد ، وأضلُّوا الناس عن الطريق المستقيم 

وعندما انتقل النور المحمدي إلى بطن السيدة آمنة المصونة ، التقيَّة ، النقيَّة ، فالسماء جهزت مدافع تطلق صواريخ نارية مضادة للجنَّ ، فتطلق على من يصل إليها من الجنَّ شهابا رصدا أي صاروخاً يحرقه فورا {فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً} الجن9

فحرموا من استراق السمع ، وضعفت شوكة الجن ، حتى أن كثيراً من الناس كان عندما يستعيذ بكبير الوادي كما هو المتَّـبع ؛ يسمع صوتاً يقول له {إنَّ نبي آخرِ الزْمَانِ قَدْ وُلِدَ ، وَ لا يُسْتَعَاذُ إلا بالله عز وجل ، فَقُلْ : أعُوذُ باللهِ السَّميعِ العَليم مَنْ الشَّيطَان الرَّجِيم}


ولذلك تروى لنا كتب التاريخ الإسلامي أن ما يزيد على المائتي رجل ؛ دخلوا الإسلام عن طريق الجن بهذا الأسلوب الذي ذكرناه آنفاً ، وهكذا كان من البشائر بولادته صلى الله عليه وسلم منع سطَّوة الجنِّ ، ومنع شروره ، ومنع استراق سمعه لخبر السماء 


http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4

منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


الجن يبشر بميلاد الرسول صل الله عليه وسلم

للتواصل مع فضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد وللفتاوى والأسئلة:
1- للتحدث مباشرة مع الشيخ: إتصل بتليفون 0020405340519 بعد صلاة العشاء ولمدة ساعتين يوميا عدا الخميس والجمعة.
2- على صفحة: إتصل بنا ، من داخل الموقع الرسمى للشيخ: www.fawzyabuzeid.com
3- عبر البريد الإليكترونى أرسل إلى أى من:
fawzy@fawzyabuzeid.com , fawzyabuzeid@yahoo.com ,fawzyabuzeid@hotmail.com , fawzyabuzeid48@gmail.com
4- للرسائل النصية أو إس إم إس عند الضرورة فقط أرسل إلى :
00201115561728 - 01225642362002
5- إذا كان السؤال لبرنامج الفتاوى الفورية فاذكر ذلك، وللرد الخاص فاكتب بريدك الإليكترونى.
 

شراب أهل الوصل للشيخ فوزى محمد أبو زيد

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

{حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك ملك من ملوك اليمن اسمه تبَّع {أسعد الحميري} سمع عن يهود المدينة ، وكان يكره اليهود ، وذلك قبل ميلاد الرسول بثلاثمائة سنة ، فذهب إلى اليهود ليقضى عليهم فخرج له عالم من علماء اليهود - اسمه شامويل ـ ، وقال له : يا جلالة الملك إنك لن تستطيع أن تقضى على هذه البلدة ، قال له : لماذا ؟ قال له : إن هذه البلدة ستكون مهاجر نبي آخر الزمان ، وتكون دار إقامته ، وأنصاره قوم من اليمن 

فرجع الملك عن رأيه في غزوهم ، وبني بيتاً لرسول الله - حتى إذا هاجر يسكن فيه - وأحضر مجموعة من العلماء الذين معه - وعددهم أربعمائة عالم - وأعطى لكل عالم منهم جارية ، ونفقة ، وأمرهم أن يسكنوا في هذه البلدة ، حتى إذا جاء هذا النبي ، آزروه ونصروه ، وترك لهم كتاباً يسلمونه للنبي ومكتوب فيه :

شهدت على أحمد أنه \ رسول من الله بارى النسمّ
فلو مدَّ عمرى إلى عمره \ لكنت نصيراً له وابن عمّ
وجالدت بالسيف أعداءه \ وفرّجت عن صدره كل غمّ


فآمن بالنبي ، وذهب إلى الكعبة فغسلها ، وطاف بها وهذا الإيمان برسول الله كان قبل بعثته بثلاثمائة عام ، ويمر الزمن ويهاجر رسول الله إلى المدينة ، وكل واحد من أهلها يريد أن يأخذ رسول الله إلى بيته ، فيقول لهم : دعوا الناقة فإنها مأمورة ، فتأتى الناقة عند بيت أبى أيوب الأنصاري وتبرك[1] 

فإذا بأبي أيوب الأنصاري هذا من سلالة كبير العلماء ، وهذا البيت الذي يسكنه أبو أيوب ، كان بيت تبَّع الذي بناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينزل صلوات الله وسلامه عليه إلا في بيته الذي بناه له الله سبحانه وتعالى من ثلاثمائة عام على يد تبع فالكون كله كان يعرف كل شيء عن بعثته 

ولذلك فإن عبد المطلب لما ذهب إلى اليمن يهنئ سيف بن ذي يزن بانتصاره على الحبشة ، ومعه جماعة من قريش ، قابلهم وأدخلهم بيت الضيافة ، وقال لهم : انتظروا هنا ، وتركهم لمدة شهر ، وفي يوم من الأيام دعا عبد المطلب وقال له : إني أجد في الكتاب المكنون ، والعلم المخزون الذي اخترناه أنفسنا وحملناه دون غيرنا ، خبراً عظيماً ، وخطراً جسيما ،ً فيه شرف الحياة ، وفضيلة الوفاة للناس كافة ، ولرهطك عامة ، ولك خاصة " 

فقال عبد المطلب : مثلك أيها الملك من سر وبر ، فما هو فداك أهل الوبر زمراً {جماعات} بعد زمر؟ ، قال : إذا ولِد بتهامة غلام ، به علامة بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة ، فقال عبد المطلب : أبيت اللعن ، لقد أبت بخير ما آب به وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإعظامه وإجلاله ، لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سروراً 

قال سيف بن ذى يزن : هذا حين يولد فيه ، أو قد ولد ، اسمه محمد ، بين كتفيه شامة ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، قد وجدناه مراراً ، والله باعثه جهاراً ، وجاعل له منا أنصاراً ، يعزّ بهم أولياءه ، ويضرب لهم الناس عن عرض ، ويستبيح به كرائم الأرض ، يعبد الرحمن ، ويزخر الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسِّر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله 

قال عبد المطلب : أيها الملك عزَّ جارك ، وسعد جدك ، وعلا كعبك ، ونما أمرك ، وطال عمرك ، ودام ملكك ، فهل الملك ساري بإفصاح ؟ فقد أوضح بعض الإيضاح ، قال سيف بن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، إنك يا عبد المطلب لجدُّه بلا كذب ، قال فخرَّ عبد المطلب ساجداً ، فقال سيف : ارفع رأسك ، فقد ثلج صدرك ، وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئاً مما ذكرت لك ؟ 

قال عبد المطلب : نعم أيها الملك ، إنه كان لي ابن ، وكنت به معجباً ، وعليه رفيقاً ، فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهره ، فجاءت بغلام ، وسمَّيته محمدا ، ومات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه ، بين كتفيه شامة ، وفيه كل ما ذكرت من علامة 

فقال سيف : إن الذي ذكرت لك حق ، فاحتفظ بابنك ، واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً ، واطوِ ما ذكرت لك دون هذا الرهط الذي معك ، فإني لست آمن أن يدخلهم التحاسد من أن يكون لك الرياسة فيبغون لك الغوائل ، وينصبون لك الحبائل وهم فاعلون ، أو أبناؤهم ، ولولا أنى أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه ، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه ، فإني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق : أن يثرب استحكام أمره ، وموضع قبره ، وأهل نصرته[2] 


[1] رواها السمهودى في وفاء الوفا " تاريخ المدينة " وابن دحلان في " السيرة النبوية" وابن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما
[2] رواه الإمام الماوردى في أعلام النبوة ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، من طريق عفر بن زرعة ، بن سيف بن ذي يزن عن أبيه 

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4

منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


حديث الحقائق الخلائق


للتواصل مع فضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد وللفتاوى والأسئلة:
1- للتحدث مباشرة مع الشيخ: إتصل بتليفون 0020405340519 بعد صلاة العشاء ولمدة ساعتين يوميا عدا الخميس والجمعة.
2- على صفحة: إتصل بنا ، من داخل الموقع الرسمى للشيخ: www.fawzyabuzeid.com
3- عبر البريد الإليكترونى أرسل إلى أى من:
fawzy@fawzyabuzeid.com , fawzyabuzeid@yahoo.com , fawzyabuzeid@hotmail.com ,fawzyabuzeid48@gmail.com
4- للرسائل النصية أو إس إم إس عند الضرورة فقط أرسل إلى :
00201115561728 - 01225642362002
5- إذا كان السؤال لبرنامج الفتاوى الفورية فاذكر ذلك، وللرد الخاص فاكتب بريدك الإليكترونى

الأحد، 15 ديسمبر 2013

السلف الصالح والورع فى الحلال -



R]بسم الله الرحمن الرحيم

لما كان الورع هو ترك الشبهات فقد ظهرت منزلته بين العبادات الإسلامية فإذا كان المطعم الحلال وترك الشبهات هو أساس قبول العبادات واستجابة الدعوات فإن الورع وترك الشبهات هو أساس الترقي في الدرجات الإيمانية والمنازلات الإحسانية وهذا ما يشير إليه الحديث النبوي الشريف {كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ}[1]

والحديث الآخر الذي يقول {لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لاَ بَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ الْبَأْسُ}[2]

ولهذا نجد أن سلفنا الصالح اهتموا بالورع غاية الاهتمام حتى قال الإمام أبو بكر الصديق رضي الله عنه {كنا ندع سبعين بابا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام}[3]

وقد أسّسوا ورعهم بالإضافة إلى ما سبق على قول الله عز وجل {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} المؤمنون51

حيث رتّب الله العمل الصالح على أكل الطيبات {الحلال} وقوله سبحانه وتعالى {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ} التوبة109

واستعانوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم {دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إلى مَا لاَ يَرِيْبُكَ}[4]

وقد توسّعوا في هذا المجال حتى أنهم أدخلوا الورع في كل شيء ولم يقصروه على التورّع في المطعم فقط فهناك ورع في المنطق وورع في المناصب والرياسة وورع في حركات الظواهر وورع في خواطر السرائر وأسّسوا ذلك على قوله صلى الله عليه وسلم {مِنْ حُسْنِ إسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ}[5]

وقد بلغ سلفنا الصالح في الورع مبلغا عظيما قلّ أن يجود الزمان بمثله حتى جعلوه الأساس الذي يصلح الدين فقد دخل الحسن البصري مكة فرأى غلاما من أولاد على بن أبى طالب رضي الله عنه قد أسند ظهره إلى الكعبة يعظ الناس فوقف عليه الحسن وسأله ما ملاك الدين؟ فقال الورع قال فما آفة الدين؟ فقال الطمع فتعجب الحسن منه وقال مثقال ذرة من الورع السالم خير من ألف مثقال من الصوم والصلاة

وكان إمامهم في ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو هريرة
{أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : «كخ كخ ارْمِ بِها أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟}[6]

أي ألقها وكذلك ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه أرق ليلة فقال له بعض نسائه أرقت يا رسول الله فقال {إنِّي وَجَدْتُ تحتَ جَنْبِي تَمْرَةً أكَلْتُهَا وكانَ عِنْدَنا تَمرٌ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ منْهُ}[7]

وأيضا ما روى عن الخلفاء الراشدين ومن ذلك أن عمر رضي الله عنه وصله مسك من البحرين فقال وددت لو أن امرأة وزنت حتى أقسمه بين المسلمين فقالت امرأته عاتكة أنا أجيد الوزن فسكت عنها ثم أعاد القول فأعادت الجواب فقال لا أحببت أن تضعيه بكفة ثم تقولين فيها أثر الغبار فتمسحين بها عنقك فأصيب بذلك فضلا على المسلمين

وكان يوزن بين يدي عمر بن عبد العزيز مسك للمسلمين فأخذ بأنفه حتى لا تصيبه الرائحة وقال : وهل ينتفع منه إلا بريحه؟

أما ما ورد عن السلف الصالح في ذلك فشيء كثير جدا لا نستطيع ذكره كله ولكن نكتفي ببعض النماذج المضيئة في هذا المجال :

فمن ذلك أن أخت بشر الحافي ذهبت إلى أحمد بن حنبل وقالت : إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا مشاغل الظاهرية ويقع الشعاع علينا أفيجوز لنا الغزل في شعاعها فقال أحمد : من أنت عفاك الله تعالى؟ فقالت : أخت بشر الحافيفبكى أحمد وقال : من بيتكم يخرج الورع الصادق لا تغزلي في شعاعها

ومن ذلك أن ابن المبارك رجع من مرو إلى الشام في قلم استعارة فلم يرده على صاحبه

ومن ذلك أن أحمد بن حنبل رحمة الله تعالى رهن سطلاً له عند بقال بمكة فلما أراد فكاكه أخرج البقال إليه سطلين وقال خذ أيهما لك فقال أحمد : أشكل على سطلى فهو لك والدراهم لك فقال البقال : سطلك هذا وأنا أردت أن أجربك فقال : لا آخذه ومضى وترك السطل عنده

ومن ذلك أن ابن سيرين اشترى أربعين حّبا سمنا فأخرج غلامه فأرة من حبّ فسأله من أي حب ّ أخرجتها ؟ فقال : لا أدرى فصبّها كلها

ومن أعجب ما روى في ذلك أن أبا يزيد البسطامى رضي الله عنه اشترى بهمذان حب القرطم ففضل منه شيء فلما رجع إلى بسطام رأى فيه نملتين فرجع إلى همذان فوضع النملتين

ويحكى أن أبا حنيفة كان لا يجلس في ظل شجرة غريمه ويقول : في الخبر كل قرض جرّ نفعا فهو ربا

وقيل إن أبا يزيد غسل ثوبه في الصحراء مع صاحب له فقال صاحبه : تعلق الثوب في جدار الكرم {الحديقة} فقال : لا لا تغرز الوتد في جدار الناس فقال: نعلقه في الشجر فقال : لا إنه يكسر الأغصان فقال : نبسطه على الاذخر{الحشائش} فقال : لا، إنه علف الدواب لا نستره عنها فولى ظهره إلى الشمس والقميص على ظهره حتى جفّ جانب ثم قلبه حتى جفّ الآخر 


[1] رواه الشيخان عن أبى هريرة [2] رواه ابن ماجه [3] ورد في إحياء علوم الدين ومدارج السالكين [4] أخرجه النسائي والترمذي والحاكم من حديث الحسن بن على رضي الله عنهما [5] رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبى هريرة [6] رواه البخاري من حديث أبى هريرة [6] رواه أحمد من رواية عبد الله بن عمر

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...2&id=128&cat=2

منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


السلف الصالح والورع الحلال
[/CENTER]