بسم الله الرحمن الرحيمالميراث علم ونور فهناك ورثة يرثون العلم والعلم أنواع منهم من يرث علم الحكمة {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} البقرة269
ومنهم من يرث علم باطن القرآن ومنهم من يرث علوم المعرفة التي يقرب بها المطلوبين لحضرة الرحمن والتي يقول فيها نبينا وحبيبنا صلي الله عليه وسلم {إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ كَهَيْئَةِ الْمَكْنُونِ لا يَعْرِفُهُ إِلا الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ فَإِذَا نَطَقُوا بِهِ لَمْ يُنْكِرْهُ إِلا أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللَّهِ}[1] 
ومنهم من يرث علم أسرار الكائنات لأن الله كاشفه بعد جلاء نفسه وطهارة قلبه بما قال فيه في محكم البيان{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} فصلت53 

أي أنهم سُيِّروا بعين البصيرة التي أصبحت منيرة ومنهم من يُعلِّمه الله علم الأسماء الإلهية {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ} البقرة33

يأخذ علم الأسماء أسماء توقيفية وأسماء توفيقية وأسماء جلالية وأسماء جمالية وأسماء كمالية وأسماء ذاتية وأسماء وهبية وبحور يغرق فيها الإنسان في أسماء ذات الله العلية إذا أكرمه الله بهذه الخصوصية إن لم يؤيد بالحضرة النبوية
ومنهم من يُطلعه الله على علم الكتاب وما أدراك ما علم الكتاب؟ فقد قال فيه نبي الله عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام عندما نطق وهو في المهد صبيا {آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} مريم30
حينها لم يكن قد أخذ الإنجيل ولكن هذا الكتاب هو علم الكتاب وعلم الكتاب هو الكتاب المكنون الذي يقول فيه رب العزة {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ{18} وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ{19} كِتَابٌ مَّرْقُومٌ{20} المطففين 
رقَمَه الحي القيوم من يقرأ هذه الكتاب؟ لا أحد يقرأه ولكن {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} المطففين21
فهذا الكتاب لا يُقرأ ولكن يُشهد وأقل درجة من هؤلاء {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} المطففين22

فهؤلاء أقل درجة من المقربين الذين يشهدوا العلم المضنون والكتاب المكنون الذي جعل الله فيه سر ما كان وما هو كائن وما يكون وهذا سر القَدَر من أطلعه الله عليه فهو في خطر إلا إذا حفظه الحفيظ وضمنه الله بضمانته وكان في حفظ الله وصيانته
علوم كثيرة في تركة النبوة لأن كثير من الناس يعتقد أن علوم النبوة هي الأحاديث التي قالها رسول الله والأحكام التي بيَّنها رسول الله والتفسيرات القليلة التي فسر بها بعض آيات كتاب الله وهي علوم الرسالة هذه علوم البلاغ
لكن علوم الرسالة شيء آخر وعلوم النبوة شيء آخر فهذه علوم وهذه علوم وضحها الله في كتابه لمن ينظر في كتاب الله بعيون صفت من الشهوات والشبهات
 {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }البقرة151
ما حدود هذه العلوم؟ ليس لها حدود {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} النساء113
ولذلك عندما يعترض بعض الجهال في عصرنا على الإمام البوصيرى رضي الله عنه وأرضاه عندما يقول في قصيدته البردة
فإن من جودك الدنيــا وضرتــها ،،،،،،، ومن علومك علم اللوح والقلم
فيقولون: كيف يأخذ علم اللوح والقلم؟ نقول لهم: ما دام علَّمه العليم فلا حرج على فضل الله

[1] أخرجه البحيري في الثاني من الفوائد عن أبي هريرة 

منقول من كتاب [شراب أهل الوصل] اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً