مدونة طريق الصادقين
طريق الصادقين
الجمعة، 12 سبتمبر 2014
الأربعاء، 16 أبريل 2014
سيف بن ذى يزن وإرهاصات النبوة
..
فإذا بأبي أيوب الأنصاري هذا من سلالة كبير العلماء ، وهذا البيت الذي يسكنه أبو أيوب ، كان بيت تبَّع الذي بناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينزل صلوات الله وسلامه عليه إلا في بيته الذي بناه له الله سبحانه وتعالى من ثلاثمائة عام على يد تبع فالكون كله كان يعرف كل شيء عن بعثته
ولذلك فإن عبد المطلب لما ذهب إلى اليمن يهنئ سيف بن ذي يزن بانتصاره على الحبشة ، ومعه جماعة من قريش ، قابلهم وأدخلهم بيت الضيافة ، وقال لهم : انتظروا هنا ، وتركهم لمدة شهر ، وفي يوم من الأيام دعا عبد المطلب وقال له : إني أجد في الكتاب المكنون ، والعلم المخزون الذي اخترناه أنفسنا وحملناه دون غيرنا ، خبراً عظيماً ، وخطراً جسيما ،ً فيه شرف الحياة ، وفضيلة الوفاة للناس كافة ، ولرهطك عامة ، ولك خاصة "
فقال عبد المطلب : مثلك أيها الملك من سر وبر ، فما هو فداك أهل الوبر زمراً {جماعات} بعد زمر؟ ، قال : إذا ولِد بتهامة غلام ، به علامة بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة ، فقال عبد المطلب : أبيت اللعن ، لقد أبت بخير ما آب به وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإعظامه وإجلاله ، لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سروراً
قال سيف بن ذى يزن : هذا حين يولد فيه ، أو قد ولد ، اسمه محمد ، بين كتفيه شامة ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، قد وجدناه مراراً ، والله باعثه جهاراً ، وجاعل له منا أنصاراً ، يعزّ بهم أولياءه ، ويضرب لهم الناس عن عرض ، ويستبيح به كرائم الأرض ، يعبد الرحمن ، ويزخر الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسِّر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله
قال عبد المطلب : أيها الملك عزَّ جارك ، وسعد جدك ، وعلا كعبك ، ونما أمرك ، وطال عمرك ، ودام ملكك ، فهل الملك ساري بإفصاح ؟ فقد أوضح بعض الإيضاح ، قال سيف بن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، إنك يا عبد المطلب لجدُّه بلا كذب ، قال فخرَّ عبد المطلب ساجداً ، فقال سيف : ارفع رأسك ، فقد ثلج صدرك ، وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئاً مما ذكرت لك ؟
قال عبد المطلب : نعم أيها الملك ، إنه كان لي ابن ، وكنت به معجباً ، وعليه رفيقاً ، فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهره ، فجاءت بغلام ، وسمَّيته محمدا ، ومات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه ، بين كتفيه شامة ، وفيه كل ما ذكرت من علامة
فقال سيف : إن الذي ذكرت لك حق ، فاحتفظ بابنك ، واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً ، واطوِ ما ذكرت لك دون هذا الرهط الذي معك ، فإني لست آمن أن يدخلهم التحاسد من أن يكون لك الرياسة فيبغون لك الغوائل ، وينصبون لك الحبائل وهم فاعلون ، أو أبناؤهم ، ولولا أنى أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه ، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه ، فإني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق : أن يثرب استحكام أمره ، وموضع قبره ، وأهل نصرته[2]
[1] رواها السمهودى في وفاء الوفا " تاريخ المدينة " وابن دحلان في " السيرة النبوية" وابن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما
[2] رواه الإمام الماوردى في أعلام النبوة ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، من طريق عفر بن زرعة ، بن سيف بن ذي يزن عن أبيه
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4
منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
هناك ملك من ملوك اليمن اسمه تبَّع {أسعد الحميري} سمع عن يهود المدينة ، وكان يكره اليهود ، وذلك قبل ميلاد الرسول بثلاثمائة سنة ، فذهب إلى اليهود ليقضى عليهم فخرج له عالم من علماء اليهود - اسمه شامويل ـ ، وقال له : يا جلالة الملك إنك لن تستطيع أن تقضى على هذه البلدة ، قال له : لماذا ؟ قال له : إن هذه البلدة ستكون مهاجر نبي آخر الزمان ، وتكون دار إقامته ، وأنصاره قوم من اليمن
فرجع الملك عن رأيه في غزوهم ، وبني بيتاً لرسول الله - حتى إذا هاجر يسكن فيه - وأحضر مجموعة من العلماء الذين معه - وعددهم أربعمائة عالم - وأعطى لكل عالم منهم جارية ، ونفقة ، وأمرهم أن يسكنوا في هذه البلدة ، حتى إذا جاء هذا النبي ، آزروه ونصروه ، وترك لهم كتاباً يسلمونه للنبي ومكتوب فيه :
شهدت على أحمد أنه \ رسول من الله بارى النسمّ
فلو مدَّ عمرى إلى عمره \ لكنت نصيراً له وابن عمّ
وجالدت بالسيف أعداءه \ وفرّجت عن صدره كل غمّ
فآمن بالنبي ، وذهب إلى الكعبة فغسلها ، وطاف بها وهذا الإيمان برسول الله كان قبل بعثته بثلاثمائة عام ، ويمر الزمن ويهاجر رسول الله إلى المدينة ، وكل واحد من أهلها يريد أن يأخذ رسول الله إلى بيته ، فيقول لهم : دعوا الناقة فإنها مأمورة ، فتأتى الناقة عند بيت أبى أيوب الأنصاري وتبرك[1]
فرجع الملك عن رأيه في غزوهم ، وبني بيتاً لرسول الله - حتى إذا هاجر يسكن فيه - وأحضر مجموعة من العلماء الذين معه - وعددهم أربعمائة عالم - وأعطى لكل عالم منهم جارية ، ونفقة ، وأمرهم أن يسكنوا في هذه البلدة ، حتى إذا جاء هذا النبي ، آزروه ونصروه ، وترك لهم كتاباً يسلمونه للنبي ومكتوب فيه :
شهدت على أحمد أنه \ رسول من الله بارى النسمّ
فلو مدَّ عمرى إلى عمره \ لكنت نصيراً له وابن عمّ
وجالدت بالسيف أعداءه \ وفرّجت عن صدره كل غمّ
فآمن بالنبي ، وذهب إلى الكعبة فغسلها ، وطاف بها وهذا الإيمان برسول الله كان قبل بعثته بثلاثمائة عام ، ويمر الزمن ويهاجر رسول الله إلى المدينة ، وكل واحد من أهلها يريد أن يأخذ رسول الله إلى بيته ، فيقول لهم : دعوا الناقة فإنها مأمورة ، فتأتى الناقة عند بيت أبى أيوب الأنصاري وتبرك[1]
فإذا بأبي أيوب الأنصاري هذا من سلالة كبير العلماء ، وهذا البيت الذي يسكنه أبو أيوب ، كان بيت تبَّع الذي بناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينزل صلوات الله وسلامه عليه إلا في بيته الذي بناه له الله سبحانه وتعالى من ثلاثمائة عام على يد تبع فالكون كله كان يعرف كل شيء عن بعثته
ولذلك فإن عبد المطلب لما ذهب إلى اليمن يهنئ سيف بن ذي يزن بانتصاره على الحبشة ، ومعه جماعة من قريش ، قابلهم وأدخلهم بيت الضيافة ، وقال لهم : انتظروا هنا ، وتركهم لمدة شهر ، وفي يوم من الأيام دعا عبد المطلب وقال له : إني أجد في الكتاب المكنون ، والعلم المخزون الذي اخترناه أنفسنا وحملناه دون غيرنا ، خبراً عظيماً ، وخطراً جسيما ،ً فيه شرف الحياة ، وفضيلة الوفاة للناس كافة ، ولرهطك عامة ، ولك خاصة "
فقال عبد المطلب : مثلك أيها الملك من سر وبر ، فما هو فداك أهل الوبر زمراً {جماعات} بعد زمر؟ ، قال : إذا ولِد بتهامة غلام ، به علامة بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة ، فقال عبد المطلب : أبيت اللعن ، لقد أبت بخير ما آب به وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإعظامه وإجلاله ، لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سروراً
قال سيف بن ذى يزن : هذا حين يولد فيه ، أو قد ولد ، اسمه محمد ، بين كتفيه شامة ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، قد وجدناه مراراً ، والله باعثه جهاراً ، وجاعل له منا أنصاراً ، يعزّ بهم أولياءه ، ويضرب لهم الناس عن عرض ، ويستبيح به كرائم الأرض ، يعبد الرحمن ، ويزخر الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسِّر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله
قال عبد المطلب : أيها الملك عزَّ جارك ، وسعد جدك ، وعلا كعبك ، ونما أمرك ، وطال عمرك ، ودام ملكك ، فهل الملك ساري بإفصاح ؟ فقد أوضح بعض الإيضاح ، قال سيف بن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، إنك يا عبد المطلب لجدُّه بلا كذب ، قال فخرَّ عبد المطلب ساجداً ، فقال سيف : ارفع رأسك ، فقد ثلج صدرك ، وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئاً مما ذكرت لك ؟
قال عبد المطلب : نعم أيها الملك ، إنه كان لي ابن ، وكنت به معجباً ، وعليه رفيقاً ، فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهره ، فجاءت بغلام ، وسمَّيته محمدا ، ومات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه ، بين كتفيه شامة ، وفيه كل ما ذكرت من علامة
فقال سيف : إن الذي ذكرت لك حق ، فاحتفظ بابنك ، واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً ، واطوِ ما ذكرت لك دون هذا الرهط الذي معك ، فإني لست آمن أن يدخلهم التحاسد من أن يكون لك الرياسة فيبغون لك الغوائل ، وينصبون لك الحبائل وهم فاعلون ، أو أبناؤهم ، ولولا أنى أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه ، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه ، فإني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق : أن يثرب استحكام أمره ، وموضع قبره ، وأهل نصرته[2]
[1] رواها السمهودى في وفاء الوفا " تاريخ المدينة " وابن دحلان في " السيرة النبوية" وابن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما
[2] رواه الإمام الماوردى في أعلام النبوة ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، من طريق عفر بن زرعة ، بن سيف بن ذي يزن عن أبيه
منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
: سؤال : هل يحتاج الإنسان إلى إله؟
سؤال : هل يحتاج الإنسان إلى إله؟
اتفق العقلاء والفلاسفة والباحثون على أن التدين فطرة في الإنسان ، أى أن الإنسان في باطنه قوة غريزية تدفعه إلى اللجوء إلى القوة الغيبية التى يعجز عن إدراكها في الأمور الحياتية ، التى يعجز عن تصريفها ، أو يعجز عن إيجاد وسائل لتحقيقها
وهذا ما دفع بالإنسان الأول إلى البحث عن الإله ، كقدماء المصريين والهنود وأهل الصين والفرس وغيرهم ، فكلهم بحثوا عن القوة الغيبية التى أحسوا بها ، وبوجودها بفطرتهم ، وإن أخطأ بعضهم في الوصول إليها ، بغير الإهتداء بالنبيين والمرسلين
فبعضهم تصور أن هذه القوة :
هي جرم من الأجرام السماوية كالشمس أو القمر أو نجم من النجوم
وبعضهم صورها في صورة حسية مادية ترمز للقوة التى لا يستطيع التعرض لها كالنار
وبعضهم صورها في صورة مادية على هيئة صنم أو وثن أو تمثال أو ما شابه
وهؤلاء أخطأوا في الوصول إلى كنه هذه القوة لأنهم لم يهتدوا بنور رسالات السماء ، لكنهم جميعاً يسعون إلى التعرف على القوة الغيبية ، وينسبون لها إيجاد الكون والخلق ، وتحقيق المراد لهم ، وادخار السعادة في الآخرة لهم
لكن التوحيد الحقيقي الذي وصل إليه الصادقون من أهل الديانات السماوية كان عن طريق وحي السماء الذي نزل على من اختصهم الله من الرسل والأنبياء ، ولذا يقول القرآن الكريم عن الكافرين {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لقمان25
منقول من كتاب {سؤالات غير المسلمين} لسماحة الشيخ فوزى محمد أبو زيد
الأحد، 13 أبريل 2014
الأماكن تبارك بما يلامسها
وهي المواضع الشريفة ، وقد جمع الإمام الحسن البصري أماكن الإجابة في مكة المكرمة فقال {إن الدعاء هناك مستجاب في خمسة عشر موضعاً : في الطواف ، والملتزم ، وتحت الميزاب ، وفي البيت ، وعند زمزم ، وعلى الصفا والمروة ، وفي السعي ، وخلف المقام ، وفي عرفات ، وفي المزدلفة ، وفي منى ، وعند الجمرات الثلاث}
ويضاف إلى ذلك الروضة الشريفة ، وعند النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الإمام الجزري {وإن لم يجب الدعاء عند النبي صلى الله عليه وسلم ففي أي موضع؟} وكذلك عند قبور الأنبياء والصالحين ، لما ورد في رواية الإسراء والمعراج المذكورة في الصحيحين عن أنس أن سيدنا جبريل قال له صلى الله عليه وسلم {انْزِلْ فَصَلِّ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتُ بِطَيْبَةَ وَإلَيْهَا الْمُهَاجَرُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ عز وجل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِبَـيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ} والصلاة هنا هي الدعاء ، وفي هذا يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه في كتابه (السِّراج الوهَّاج في الإسراء والمعراج) {ومن هذا نأخذ أن الأماكن تبارك بما يلامسها ، وأن الدعاء يقبل في الأماكن المباركة ، وأنه من السنَّة أن الإنسان إذا زار قبر نبيٍّ أو وليٍّ يصلِّي فيه - أي يدعو الله تعالى - معتقداً أن تلك الأماكن يستجيب فيها الدعاء} ومما يزيدنا يقيناً في هذا الأمر ؛ ما حكاه الله عز وجل ، عن عبده ونبيه زكريا حيث يقول {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{37} هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء{38} فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ{39} آل عمران | ||
الاثنين، 24 مارس 2014
: محطة سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم
أولُّ مرتبة من مراتب الرجال ، إذا أحيا الله في قلب المؤمن الحياة الإيمانية ، لكن لا يجعلها مثل الحياة العيسوية ؛ فلا يولِّى وجهه نحو الدار الآخرة ، ويترك الدنيا بالكليِّة ، من أجل هذا جاء لنا صلى الله عليه وسلم بالمزيَّة في هذه الحياة الإيمانيَّة المحمَّدية فقال صلى الله عليه وسلم {إِنَّ لِرَبكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقَ حَقَّهُ}[1]
يعطي لكل واحد حقَّه ، يعطي ما في قلبه لله ، ويعطي جسمه وجوارحه لخلق الله ، وهذه هي القسمة العادلة ، وغيرها{قِسْمَةٌ ضِيزَى}النجم22 فالذي يجعل قلبه وكلَّه للناس ، فقد ضيع مكانته عند ربِّ الناس ، والذي يجعل قلبه وجوارحه للدار الآخرة ، يصبح وقد ترك المهام والتكاليف التي كلَّفه بها ربُّ العالمين ، والتي منها {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} التحريم6 والتى منها {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} طه132 والتى منها {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} النور37 هذه كلها تكليفات كلَّفنا بها الله ، فالذي يحيا الحياة الإيمانية ، ويخرج هائماً في الجبال أو في الصحارى أو في البراري ، لا يشعر بليل أو نهار ، ولا يعرف للذهب أو للمال مقدار ؟ أهذه الحياة المطلوبة عند الواحد القهار؟ لا ، هذه منزلة دنيِّة ، ولذلك قال فيها صلى الله عليه وسلم {إنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ مَشَىَ عَلَىَ الْمَاءِ ، وَلَوْ زَادَ يَقِينَاً لَمَشَىَ فِي الهَوَاءِ}ْ[2] كأنه يوجد يقينُ أعلى من هذا ، حتى لا نقف عند المقام العيسوى ، لأن المقام العيسوى يجذب كثيراً من السالكين ، فيريد أن يعرِّف الناس الذي في بيوتهم ، والذي في صدورهم، يريد أن يحيي الموتى بإذن الله ، يريد أن يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، ومعتقداً أن هذا هو المقام العالي ، النبي قال : .لا ، وفى رواية أخرى للحديث {لو أن أخى عيسَى َكانَ أَحْسَنَ يَقِينَاً مِمَّا كَانَ ، لَمَشَىَ فِي الهَوَاءِ ، وَ صَلَّى عَلَىَ الْمَاءِ}[3] فلا تقف عند هذا المقام ، ماذا نفعل؟ ندرس ، فالمدارسة تعلى الهمَّة للسالكين ، وحبذا لو كانت في مدرج سيد الأولين والآخرين ، وإذا كان المحاضر يتلقى مباشرة الإرسال المباشر من محطة سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ، ليست مدارسة الكتب ، لأنه كما قلت القوم لم يكتبوا في كتبهم إلا ما تتحمله العقول والإنسان الذي يريد أن يمشي في طريق المقرَّبين ؛ لابد له أن يفتح عقله الوهبى للكلام العالي النازل من فيض فضل الله ، ويضع عقله ال**بى هنا لتسيير شئون الدنيا ، وتدبير أمور الحياة ؛ للقيام بالمهام التي كلَّفه بها الله في شئون الأسرة والبيت ، لكن السير والوصول إلى الله ، يحتاج إلى العقل الموهوب الذي وهبه لك الله ، فمقام الروحانيين الذين يقول فيهم أحد الصالحين {لا تخلو الأرض من مائة ألف على قدم عيسى عليه السلام} الذين نراهم جميعاً ، والذين تعجبنا أحوالهم ، والذين نأنس بأخبارهم وأقوالهم ، والذين نظن أنهم في الدرجة العلا ، النبي قال : لا ، لازال يوجد يقين أعلا من هذا اليقين ، وهؤلاء جميعاً لن يصل واحد منهم إلى يقين سيدنا عيسى عليه السلام ، فكل الذي سيظهر في هذا المقام ، أو ظهر ، لن يصل أحد منهم إلى مقام سيدنا عيسى ، ومع ذلك يقول صلى الله عليه وسلم ويخبر ، أن هناك يقيناً فوق يقين سيدنا عيسى عليه السلام ، فإذا حيا الإنسان الحياة الإيمانية ، التي جاءت في الشريعة المحمدية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} البقرة143 تفجرت في قلبه عيون العلوم الإلهية التي يحتاج إليها في سيره وسلوكه إلى الله ، وكل واحد منا له علم خاص به ، وعطاء الله لا نهاية له ، ولا حد له ، ولا مدى له ، لأن {لله طرائق بعدد أنفاس الخلائق} والآفة التي تعطِّل أهل هذا العلم ، أو أهل هذا المقام ، منهم من يأخذ علوم باطن القرآن ، ومنهم من يأخذ علوم نور الفرقان ، ومنهم من يتصل بقلبه بالكائنات ، فيحصل حكمة وجودها ، وسبب إنشائها بسر من الله ، آفة هؤلاء - وعلومهم كثيرة وكثيرة - : إذا قال أو ادَّعى كلُّ واحد منهم أنه حصَّل النهاية ، وأن ما عنده هو نهاية العلوم ، وغاية الفهوم , وليس هناك علم مكنون غير ما عنده ، هذه هي الآفة التي تحجبه في هذا المقام ، ولذلك رسول الله فوراً ، بيَّن أن نور هذا العلم ، والسبيل الذي يبين لك صواب هذا العلم ، إذا ظهرت عليك محاسن روحانية ، وجمالات ربانية ، يراها أهل الخصوصية ، مثلما ظهر في يوسف عليه السلام هذه المحاسن تجعل من يحبونك ، ومن يأنسون بك ، إذا جلسوا بين يديك ؛ يستمعون إلى العلم المفاض على قلبك من الله ، ولا ينشغلون بشئ ، ولا يحسون بشئ ، حتى ولو كان هناك سكين ، وقطع جزءاً منه ، أو عضواً منه ، لا يشعر{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} يوسف31 وبعد هذا ، مقام أهل الحكمة {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} البقرة269 وبعد هذا مقام أهل المواجهات ، وأهل المكاشفات ، وأهل المكافحات -وإمامهم سيدنا موسى عليه السلام - ، وبعد هذا مقام أهل الخلة الكرام ، الذين باعوا كل شئ لله ، وجعلوا أجسامهم وأولادهم وأزواجهم وأحوالهم وأنفاسهم كلها لله ، ومع ذلك يبين رسولكم الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، في رسالة صغيرة من سيدنا إبراهيم لكم ، ألا تركنوا إلى أي مقام من هذه المقامات ، فهي منازل المريدين والمحبين والطالبين وهناك بعد ذلك ، منازل المرادين ، والمحبوبين ، والمطلوبين ، والمخلصين لله العظيم ، من أجل هذا قال سيدنا إبراهيم {أَقْرِيء أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ وَاخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأنَّهَا قِيعَانٌ}[4] كل هذه المنازل منازل الجنَّة ، وهناك بعد ذلك صاحب الجنَّة ، وخالق الجنَّة ، وربُّ الجنَّة ، ونعيم الجنَّة ، وسر قرب أهل القرب في الجنَّة ، وهو الله {فمن كان الله مراده فمقعد الصدق وراءه} ، فهو لا يريد أي شئ من هذه المنازل كلها ، ولذلك فأحد الصالحين يبين لنا منازل الأفراد وإمامهم سيد العباد صلى الله عليه وسلم يقول فيه مقام خليل الله بدء لسيره وقدس كليم الله مبدء إكرام كل هذه المقامات والمنازل التي ذكرناها ، تحدث عنها العارفون وذكروها وفصلوها ، وفصلوا علومهم ، وفصلوا أحوالهم ، وفصلوا أنورهم ، وبينوا كل شئ عنهم ، فماذا بعد هذا؟ ، مقام الأفراد الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم{سِيرُوا ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ- وفي رواية أخرى : سِيرُوا ، سَبَقَ الـمُفْرَدُونَ - الذين أفردهم الله بالقصد ، ما حال هؤلاء؟ قال - يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَاقاً}[5] هؤلاء ما هو همُّهم؟ هؤلاء همُّهم كله في ذكر الله ، قلوبهم لا تغفل عن الله طرفة عين ولا أقـل ، لا يبغون بذلك منازل ، ولا درجات ، ولا مقامات ، ولا شهرة ، ولا مظهراً ، ولا مخبراً ، بل يريدون وجهه عز وجل ، لا يبغون بذلك بديلاً ، وفي ذلك تقول السيدة رابعة العدوية رضى الله عنها : كلهم يعبدون من خوف نار ويرون النجاة حظاً جزيلا أو بأن يدخلوا الجنان فيحظوا بنعيم ويشربوا سلسبيلا ليس لي في النار والجنان حظ أنا لا أبغي بحبي بديلا أين هؤلاء القوم؟ وما أسرارهم؟ وما أحوالهم؟ هؤلاء لا تباح أسرارهم إلا لمن ملكنا أرواحهم ، ووضعوا نفوسهم وراء ظهورهم ، لأنهم يقولون {مكتوبٌ على حضرة القدُّوس : لا ينال سراً واحداً منها أربابُ النفوس} هؤلاء إسمهم الأفراد ، وهؤلاء الجالسون على أرآئك القرب والوداد ، وهؤلاء الذي في أيديهم كل كنوز المنعم الجواد ، وهؤلاء هم الحاملون لأعلام الهداية والإرشاد ، ومؤيدون في كل حركاتهم وسكناتهم من ربِّ العباد {1} عن سلمان فى صحيخ ابن حبان و جامع المسانيد وصحيح ابن خزيمة ، وفى البخارى باختلاف الفاظ و قد ورد عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن رسول الله فى موضع آخر ونصه {فَإنَّ لِجَسَدِكَ عليكَ حقٍّا وَإنَّ لِعَيْنَيْكَ عليكَ حقٍّا، وإن لِزَوْجِكَ عليكَ حقٍّا، وَأَنْ لِزَوْرِكَ عليكَ حقٍّا، رواه البخارى ومسلم وغيرهم كثيرون باختلاف ألفاظ وزيادة أونقصان}{2} الحكيم عن زافر بن سليمان فى كنز العمال للمتقى الهندى البداية والنهاية لابن كثير ، وابن أبي الدنيا {3} رواه الديلمى عن معاذ بن جبل و فى كنز العمال للمتقى الهندى {4} سنن الترمذى عن ابن مسعود {5} رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة | ||
الأربعاء، 19 مارس 2014
{مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ - منتديات همس القلم
إذا كان القرآن الكريم بيَّن فضائل رسول الله صلوات الله وسلامه عليـه ، وبعد ، فمن من العلماء أو المحدثين أو الخطباء يستطيع أن يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكننا نقول لنذكَّر بعضنا على سبيل الذكرى
ولذلك فإن أحد الصالحين ، وكان من العشاق للذات العليَّة ، وقد وقف حياته كلها على مناجاة الله ، وعبادة الله ، والتذلل بين يدي الله ، والتضرع بين يدي الله ، لعله ينال القبول من الله ، فهو يعبد هذه الذات ، وقال فيها قصائداً فوق العقول ، وعندما حانت منيَّته ، وفي لحظة الانتقال ، عُرِضَ عليه مقعده في الجنَّة ، وأروه مكانته في الجنَّة ، ولكنه لدلاله مع الله لم يرض بهذه المنزلة ، وقال منشداً : فإن تلك منزلتي في الحب عندكم ما قد رأيت فقد ضيَّعت أيامي لماذا؟ لأنه يريد الله {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف28 كالجماعة الذين يتحدث عنهم الرسول ، أنهم يوم القيامة وبعد أن يدخلوا الجنَّة ، ويأمر الله لهم بأنواع نعيم الجنَّة كلها ، ويقول لهم : هل بقى لكم شئ؟ مثل الذي عنده ضيوف ، ويقدم لهم واجب الضيافة ، ويقول لهم : بقى لكم شئ ؟ فيقول الله سبحانه وتعالى : بقى لكم شئ عندي ادخرته لكم ، فيقولون وما هو؟ ، فيكشف لهم عن بديع وجهه ، فينظرون إلى وجه الله بالنور الذي يحبوهم به ، الله فلا يجدون مع حسن الله شيئا ، فينسون النعيم ، وينسون الملذَّات ، وينسون المتع ، وينسون كل هذه الأشياء، بجوار جمال الكريم سبحانه وتعالى : {إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، نادَى مُنادِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، إنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدا يُرِيدُ أنْ يُنْجِزَكُموهُ فَيَقُولُونَ : ومَا هُوَ؟ ألَمْ يُثَقِّلِ اللَّهُ مَوَازِينَنا ، وَيُبَيِّضْ وُجوهَنا؟ - و فى الحديث الآخر - : إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، قَالَ يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبِيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ}[1] فهذا الرجل الصالح ، لما انتقل رآه أحد الصالحين في المنام ، فقال له : أنت قلت كلاماً كثيراً في الشوق إلى الله ، وفي مناجاة الله ، فلماذا لم تمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ، فقال : أرى كل مدح في النبي مقصرا وإن بالغ المثنى عليه وأكثرا إذا كان الله أثنى بما هو أهله عليه فما مقدار ما يمدح الورى؟ ولذلك فإن أحد الأئمة لما مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ظل يمدح فيه ، ويثنى عليه ، وفي نهاية المطاف ، قال أعذرني يا رسول الله : على قدرى أصوغ لك المديحا ومدحك صاغه ربى صريحا ومن أنا ياإمام الرسل حتى أوفى قدرك السامى شروحا ولكني أحبك ملء قلبي فاسعد بالوصال فتىً جريحا فإني أعبّر فقط عن محبتى لك ، فكل الذي يتحدث عن رسول الله ، يعبِّر عن بعض ما في فؤاده من الشوق إلى رسول الله ، ومن الوجد إلى رسول الله ، ومن الحبِّ إلى رسول الله ، ومن الغرام في سيدنا ومولانا رسول الله {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} الأحزاب40 فهو رسول الله ، وختام النبيين ، فهذا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، من الذي أدَّبه ؟ ، ومن الذي تولاه ؟ ومن الذي قال له : لا تخف {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}الحجر95 ومن الذي قال له مر الحراس بتركك؟ وقال له {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} المائدة67 فهو الذي سيتعهد بحفظه ، وبكفالته ، فالذي أرسله وبعثه ، هو الذي تعهَّد به من البداية إلى النهاية صلوات الله وسلامه عليه ، من أجل هذا لما نرى بعض أحداث ميلاد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، نجد الدليل على فضل الله ، وعلى عظيم نعم الله التي لا تعد ولا تحصى علينا كلنا ، ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما فضل الله على رسول الله ، فلا نستطيع أن نعبر عنه ، لكن نسأل من عرفوه ، نحن صحيح عرفناه بعض الشئ ، لكن الذي عرفه أكثر وعن قرب ، هم الأنبياء والمرسلون، فدائماً الناس المقربون للإنسان يكونون أكثر علماً به ، وأكثر دراية به ، وأكثر إحاطة به فأكثر الناس علماً برسول الله وبمكانة رسول الله ، الأنبياء والمرسلون ، لماذا؟ لأن هؤلاء الذين كشف لهم ربنا الستار عن النبي المختار ، فرأوا ما أسبغه الله عليه من النعم الظاهرة والباطنة ، ولما رأوا هذه النعم ماذا طلبوا؟ منهم من طلب أن يكون من أمته ، أي يريد أن يكون فرداً من أفراد هذه الأمة مثله مثلنا ، لماذا؟ من أجل الفضل الذي خص به نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، ومنهم من قدم التماساً حتى يرى هذا النبي ، وليس واحداً بل مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ، قدموا جميعاً التماساً لحضرة الله ليكشف لهم عن نور وجه رسول الله ، ويمتعهم به ، فوجه رسول كما يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث {مَنْ رَآنِي حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهَ عَلَىَ النَّارِ}[2] مَنْ رآنِي في المَنَامِ، فَقَدْ رَأَنى حَقَّـاً ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بي}[3] والحديث الآخر {مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ}[4] لا بد من ذلك ، والحديث الأول قال {من رآني حرم الله جسده على النار} فالذي رآه بأي صورة؟ بالصورة النبويَّة؟ أو بالصورة الحقيَّة؟ أو الصورة النورانيَّة التي خلقه الله عليها سبحانه وتعالى؟ لكن بالنسبة للصورة الجسمانيَّة ، فأبو لهب كان يراه ، وأبو جهل كان يراه ، وقد قال فيها الله {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}الأعراف198 لا يرون الجمال الذي فيك ، وإنما يرون جسماً مثلهم ، يأكل ، ويشرب ، ويتزوج ، ويذهب ، ويعود ، لكن النور الممتد من هذا الجسم أين هو؟ لا يرونه ، هذا النور من الذي رآه؟ الأنبياء والمرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذا الذي جعلهم يتعلقون برسول الله ، وربنا كشف لهم هذا النور ، وهم أرواح نورانيَّة قبل خلق الخلق ، فدعاهم إلى اجتماع بعد ما خلق الكلَّ ، جمع فيه أرواح النبيين والمرسلين ، وبعدما حضروا الاجتماع ، وجدوا نوراً يبهر الأبصار ، غشاهم هذا النور ، فأدهش عيونهم حتى صاروا لا يستطيعون الرؤية ، فقالوا {نُورُ مَنْ هَذَا يَا رَبّْ؟ ، قَالَ : هَذَا نُورُ حَبِيبِي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَ لَوْ آمْنْتُمْ بِهِ لَجَعَلْتُكُمْ أنْبِيَاءَ ، فَقَالُوا : آمَنَّا بِهِ وَ صَدَّقْنَاه}[5] فأخذ عليهم العهد ، وكتبه في كتابه الكريم {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ} آل عمران81 لم يقل {المرسلين} لأن هناك فارقاً بين النبوَّة والرسالة ، فالنبوَّة تبدأ قبل خلق الخلق لأنها للأرواح ، لكن الرسالة لا تأتي إلا بعد أن يبعث ، ويكلَّف ، بعدما يأتي في الدنيا ، فيعطيه الرسالة ، ويقول له بلِّغها ، لكن النبوَّة من قبل خلق الخلق ، ولذلك لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بدء نبوته فقالوا: متى كنت نبياً؟ قال {وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَ الجَسَدِ}[6] وهل يوجد شخص ليس له روح ولا جسد ؟ لا ، إذاً يعنى قبل آدم ، وفي الرواية الأخرى قال صلى الله عليه وسلم {إنِّى عِنْدَ اللهِ فِى أمِّ الكِتَابِ لخَاتَمُ النَّبِيينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتَه}[7] أي وآدم لم يكن طيناً ، ولم يقل {خاتم المرسلين} بل قال {خاتم النبيين} لأن الرسالة لم يأتِ بعد زمانها ، أو مكانها ، أو أوانها ، لكن النبوَّة قبل خلق الخلق ، هذه هي نبوَّة رسول الله {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} آل عمران81 فرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم من هذا اليوم ، كل واحد منهم مكلَّف بأن يبين جمال رسول الله ، وصفات رسول الله ، وبعثة رسول الله ، وسمات وعلامات رسول الله ، ويأمر قومه أن يتبعوه، ولذلك لما جاء ربنا وتكلم عن اليهود ، قال {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} البقرة146 أيضل أحد عن أولاده؟ ولا يعرفهم؟ فهؤلاء يعرفونه مثلما يعرفون أولادهم ، لكن الذي يمنعهم من الإيمان به؟ الحسد ، والحقد ماذا؟ لأنهم كانوا يطمعون أن تكون النبوة فيهم ، فتكون في بني إسرائيل ، فلما ذهبت النبوة إلى بني إسماعيل غضبوا ، ولم يؤمنوا برسول الله ، فالأنبياء هم الذين عرفوا رسول الله ، ومن أجل هذا عرفونا مقاماته ودرجاته ، وعرفونا ميزاته التي تفضل بها عليه ربنا سبحانه وتعالى ، صلوات الله وسلامه عليه {1} رواه مسلم عن صهيب والبخاري عن أبي سعيد الخدري والنسائي وأبو داود وأحمد على روايات عدة {2} رواه الديلمي عن أنس {3} الإمام أحمد والبخاري والترمذى عن أنس ، و مسلم والترمذى و ابن حبان عن أبي هريرة على روايات {4} رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة ، ورواه الطبراني عن أبي بكر ، ورواه الدارمي عن أبي قتادة ورواه أبو نعيم عن يحي وهو حديث متواتر{5} رواه ابن سعد عن خالد بن معدان مرسلا {6} رواه الطبراني عن ابن عباس والترمذي عن أبي هريرة والإمام أحمد والبخاري في تاريخه وابن سعد والبزار وأبو نعيم والطبراني والحاكم عن ميسرة الضبى {7} رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن العرباض بن سارية |
الاثنين، 17 مارس 2014
مدونة اصلاح القلوب: لا منحة إلا بعد محنة - منتديات همس القلم
مدونة اصلاح القلوب: لا منحة إلا بعد محنة - منتديات همس القلم : لا منحة إلا بعد محنة - منتديات همس القلم في PerfectionsRemembering محمد رسول الله يجعل الرجل على الفور يأخذ الشرعي له ... ومحمد PerfectionsRemembering رسول الله يجعل الرجل يأخذ نصيبه فورا من ميراث الحبيب في الله ورسوله المختار (الصلاة وصلي الله عليه وسلم). السعي مع الذات هو في القضاء على الارتباك ثم تذكر دائما الأوصاف والكمال من Muhammad.Mohamad 'ق PerfectionsReminding رسول الله يجعل الرجل على الفور يأخذ نصيبه من ميراث الحبيب في الله ورسوله المختار (الصلاة وصلي الله عليه وسلم). والسعي مع الذات هو في القضاء على الارتباك ثم تذكر دائما الأوصاف والكمال محمد (يرجى مراجعة ذلك ..... السيد @ [100003351079349:2048: جمال عبد الحميد]. @ [670511923:2048: مصطفى ربيع عبد الباسط ]
الاشتراك في:
الرسائل
(
Atom
)